آش واقع / وكالات
نظّمت مدن في غرب إيران، الأربعاء، إضرابا تضامنيا في ذكرى مرور أربعين يوما على قتل قوات الأمن عشرات المتظاهرين في حملة قمع للاحتجاجات في جنوب شرق البلاد الذي يشهد اضطرابات.
أطلقت قوات الأمن النار على الاحتجاجات التي اندلعت في 30 شتنبر، بعد صلاة الجمعة، في زاهدان عاصمة إقليم سيستان بلوشستان الواقع على الحدود الجنوبية الشرقية لإيران مع باكستان.
وتهزّ حركة احتجاجية إيران منذ توفيت الشابة مهسا أميني (22 عاما) في 16 شتنبر، بعد ثلاثة أيام على توقيفها بتهمة خرق قواعد اللباس الصارمة التي تفرضها الجمهورية الإسلامية.
وأسفرت الحملة على الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد منذ وفاتها عن مقتل 304 أشخاص على الأقل؛ من بينهم 41 طفلا و24 امرأة، وفقا لإحصاء أصدرته منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ في أوسلو مقرا.
ونشرت قناة “تصوير 1500” على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر ناشطين يوزّعون منشورات تدعو إلى الاحتجاج الأربعاء في كل المدن بمناسبة ذكرى مرور أربعين يوما على “الجمعة الدامية” في زاهدان.
ونظّمت تظاهرات واسعة النطاق في مدن بانيه وكرمانشاه ومريفان وسنندج ومدينة سقز مسقط رأس أميني، تضامنا مع زاهدان، على ما قالت منظمة “هينكاو” لحقوق الإنسان ومقرها النرويج.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء في منظمة “وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان”، ومقرها الولايات المتحدة، متاجر مغلقة في سقز وزاهدان.
واندلعت أعمال العنف، التي أوقعت حسب “منظمة حقوق الإنسان في إيران” 92 قتيلا على الأقل في زاهدان، في 30 شتنبر بسبب أنباء عن اغتصاب مزعوم لفتاة تبلغ 15 عاما خلال احتجازها لدى الشرطة.
وزاهدان، إحدى المدن القليلة ذات الأغلبية السنية في إيران ذات الأغلبية الشيعية.
“قتل جماعي”
لكن محللين يقولون إن أقلية البلوش استلهموا من الاحتجاجات التي اندلعت بسبب وفاة مهسا أميني والتي كانت مدفوعة في البداية بحقوق المرأة؛ لكنها توسعت مع مرور الوقت، لتشمل مظالم أخرى.
وقال سعيد غولكار، الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية والسياسة العامة في جامعة تينيسي، لوكالة فرانس برس، إن “تظاهرات 2022 هي نقطة التقاء للإيرانيين الغاضبين والمحبطين، ولديهم نفس الهدف؛ وهو الإطاحة بالجمهورية الإسلامية وبنظام ديني”.
أطلقت قوات الأمن النار على رجال نزلوا إلى الشوارع، بعد خروجهم من مساجد عقب صلاة الجمعة؛ وهو ما أسفر عن مقتل العشرات.
وقالت هينكاو: “ما حدث يوم الجمعة ذاك… في زاهدان، بموجب القانون الدولي، مثال واضح على القتل الجماعي للمدنيين”.
وكتبت على تويتر: “يجب أن تعترف المنظمات الدولية والحكومات الغربية بهذا القتل الجماعي”.
ومنذ ذلك الحين، قُتل 28 شخصا على الأقل في سيستان بلوشستان، كما أفادت المنظمة وكالة فرانس برس الأربعاء.
وتُعتبر مقاطعة سيستان بلوشستان الفقيرة نقطة اشتعال لاشتباكات عصابات تهريب مخدرات ومتمردين من الأقلية البلوشية وجماعات سنية متطرفة.
ويندد نشطاء بتعرّض المنطقة لتمييز من جانب القيادة الدينية الشيعية في إيران، مع مقتل عدد غير متناسب من البلوش في الاشتباكات كل عام والإعدامات شنقا.
تهديدات بقتل صحافيين
ولا يبدو أن الاحتجاجات على وفاة أميني تضعف، على الرغم من القمع الدموي وحملة الاعتقالات الجماعية التي أسفرت عن توقيف فنانين ومعارضين وصحافيين ومحامين.
الأربعاء، دعا إصلاحيون إلى “تغييرات شجاعة ومبتكرة”؛ بما في ذلك تنظيم استفتاء من أجل وضع حد للأزمة، وفق بيان أصدرته “جبهة الإصلاح الإيرانية” التي أسسها العام الماضي مقّربون من الرئيس الأسبق محمد خاتمي.
لكن هنري روم، خبير الشؤون الإيرانية في “معهد واشنطن”، رجّح ألا تلقى الدعوة آذانا صاغية.
وقال روم إن “النظام غير قادر على الاتفاق حتى حول إصلاحات متواضعة لتهدئة الاحتجاجات؛ في زمن الاضطرابات، ضئيل هو احتمال احتكام (هذا النظام) إلى الاقتراع”.
وقالت منظمة “مراسلون بلا حدود”، الأربعاء، إن إيران تحاول بشكل منهجي إسكات النساء من خلال توقيف عدد غير مسبوق من الصحافيات في حملتها ضد الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني.
وأوضحت المنظمة: “فيما يواصل النظام الإيراني قمع الاحتجاجات التي انطلقت إثر مقتل مهسا أميني، فإن حوالي نصف الصحافيين الذين قبض عليهم أخيرا هم من النساء، من بينهن اثنتان تواجهان عقوبة الإعدام”.
وأضافت في بيان: “تزايد عمليات توقيف الصحافيات يكشف نية النظام الإيراني إسكات أصوات النساء بشكل منهجي”.
وأشارت المنظمة إلى أنه، منذ اندلاع الاحتجاجات، أوقف 42 صحافيا على الأقل في كل أنحاء إيران.
وقادت نساء المسيرات، ونزعن أغطية رؤوسهن وحرقنها، ورددن شعارات مناهضة للنظام، وواجهن قوات الأمن في الشارع على الرغم من حملة قمع أسفرت عن مقتل العشرات.
وتبنّت السلطات الإيرانية مجموعة من الأساليب في محاولة لقمع الاحتجاجات التي استحالت أكبر تحدٍ للقيادة الدينية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وأطلقت القوات الأمنية النار مباشرة على متظاهرين باستخدام الذخيرة الحية وكرات الطلاء، وألقت عليهم الغاز المسيل للدموع.
اتُّهم الحرس الثوري، هذا الأسبوع، بتهديد صحافيَين إيرانيَين يعملان في قناة “إيران إنترناشونال” التلفزيونية الناطقة بالفارسية ومقرها لندن، بالقتل.
وكتبت “فولانت ميديا”Volant Media، في بيان، أن الصحافيَين تلقيا “تحذيرات وتهديدات ذات مصداقية”؛ الأمر الذي دفع شرطة لندن إلى “إبلاغ الصحافيين رسميا بأن هذه التهديدات تشكل خطرا داهما وموثوقا وكبيرا على حياتهما وأفراد أسرتيهما”.
والأربعاء، حذّر إسماعيل خطيب، وزير الاستخبارات الإيراني، بريطانيا من أنها ستدفع ثمن محاولات “زعزعة الأمن” في الجمهورية الإسلامية.
وذكرت وكالة “إرنا” الرسمية أن خطيب اتهم، أيضا، السعودية بتمويل وسائل إعلام تدعم موجة الاضطرابات.
التعليقات مغلقة.