أش واقع تيفي
مع حلول شهر رمضان المبارك، تتألق الشاشات المغربية بباقة من البرامج والمسلسلات التي تجمع بين الترفيه والفكر، حيث يسعى صناع الدراما إلى تقديم أعمال تجمع بين الجودة والإبداع لإرضاء الجمهور المغربي الذواق، وتشكل المسلسلات الرمضانية فرصة لإلقاء الضوء على قضايا اجتماعية عميقة من خلال حبكات مشوقة وأداء متميز يجعل المشاهد يعيش التجربة بكل تفاصيلها.
في هذا السياق، يعود المسلسل المغربي “جرح قديم” ليحظى باهتمام واسع، حيث يقدم قصة آسرة تحمل في طياتها الكثير من التشويق والإثارة، ويطرح المسلسل مواضيع جريئة تلامس واقع المجتمع المغربي، مثل استغلال الأطفال الزوهريين وانتشار الشعوذة والخرافات، وهي قضايا لا تزال تثير الجدل وتؤثر على حياة الكثيرين، ما يجعل هذا العمل أكثر من مجرد دراما عابرة، بل رسالة فنية تستحق المتابعة.
يتميز “جرح قديم” بأسلوب سردي محكم يعكس براعة كاتب السيناريو في بناء أحداث متشابكة تحبس أنفاس المشاهد، كما يقدم المسلسل شخصيات ذات عمق نفسي كبير، أبرزها الطبيبة النفسية “طام” التي تجد نفسها في مواجهة ماضٍ مليء بالجراح، حيث تسعى لكشف المستور والانتقام من الظلم الذي حطم حياتها، فهل ستنجح في مهمتها أم أن الماضي سيكون أقوى من رغبتها في الانتقام؟.
إلى جانب الحبكة المشوقة، يضم المسلسل نخبة من ألمع نجوم الدراما المغربية الذين أبدعوا في تقديم أدوارهم بإتقان، مما جعل الشخصيات تبدو واقعية ومؤثرة، كما أن الإخراج المتقن والتصوير السينمائي الجذاب أضافا لمسة من الاحترافية التي تعزز من جودة العمل وتجعله منافسًا قويًا في السباق الرمضاني.
لا يقتصر تميز “جرح قديم” على القصة والأداء فقط، بل يتجلى أيضًا في الرسائل العميقة التي يحملها، حيث يدعو المشاهد إلى التفكير في بعض المعتقدات الراسخة في المجتمع المغربي والتساؤل حول مدى تأثيرها على الأفراد، ليكون بذلك أكثر من مجرد مسلسل ترفيهي، بل عمل يفتح النقاش حول قضايا حساسة تستحق المعالجة.
مع هذا الزخم الفني والاهتمام الكبير بالدراما المغربية، يثبت “جرح قديم” أن المسلسلات الرمضانية لم تعد تقتصر على التسلية فقط، بل أصبحت وسيلة فعالة لتسليط الضوء على مواضيع اجتماعية مهمة، مما يعزز مكانة الدراما الوطنية كمرآة تعكس واقعًا يستحق التغيير.