في خبر سابق كانت قد تناقلته مجموعة من المواقع الإخبارية، على هامش الورشة حول “إصلاح منظومة العدالة في العالم العربي: تجربة المغرب وتونس ومصر” والتي نظمها مركز “كارنيغي للشرق الأوسط”، أكد وزير العدل والحريات السابق مصطفى الرميد أن الملك محمد السادس أمر بتجنب متابعة أي مواطن “حتى ولو تحدث عنه بسوء”، وذلك لكون الملك حسب نفس المصرح ” لا يريد أن يقمع المغاربة ولكن يريد منهم أن يحترموه”.
الخبر مر حين ذلك مرور الكرام ولم ينتبه له سوى القلة القليلة من ساكنة هذا الوطن، لكنه اليوم أصبح من الأهمية بمكان في ظل ما بدأت تعرفه منصات التواصل الإجتماعي من تجاوزات خطيرة في حق شخص الملك، وهذا يعني للأسف الشديد بأن جزءا من هذا الشعب لا يحسن إستغلال الحرية على الوجه الصحيح.
الخبر كان بالنسبة لعبد ربه أنذاك تعبير صريح عن جملة من الخلاصات أهمها : أن سقف الحريات التي أعطيت للمغاربة اصبحت بهامش أكبر ، فلا يمكن ان تجد اليوم في سجون المملكة معتقلا لانه تحدث عن الملك بسوء، كما أنه يظهر للعيان الخط التصاعدي لمجال حقوق الإنسان في وطننا الحبيب رغم أن هناك بعض الإنتكاسات إلا أن الغالب هو أننا أمام خط تصاعدي بدون شك.
الحقيقة أن البعض ممن يسيء لنفسه قبل الملك يستغل هذا الموقف النبيل من أمير البلاد ليهاجمه بدون وجه حق ويظهر قلة أدبه اتجاه من يحمل هموم هذا الشعب، من خلال توفير مناخ أكثر حرية لنقذ وجلد المسؤولين المقصرين، حتى من هم في أعلى سلطة في البلاد، وهذا طبعا لن يتأتى من بعض الغوغائين والحشاشين الذين لا يفرقون بين الحرية وقلة الحياء.
لقد تربينا منذ نعومة اضفرنا على إحترام شخص الملك وتقديره، داخل بيوت كان يتابع فيها خطابه بكل تركيز ويطبق كلمات تلك الخطب بحدافرها، إيمانا منا بأن هذا الرجل ومن سبقه من أسلافه يحرصون على مصلحة هذا الوطن أكثر من حرصهم على مصلحتهم الخاصة، وليس كبعض الإنتهازين الذين هم على إستعداد لبيع الوطن والأهل مقابل دريهمات فانية او اقل.
الملك ليس في حاجة لي أو لغيري ليدافع عن شخصه ولكنه إختار أن يكون أكبر من مجرد ملك بانتقاله إلى مرتبة الأب، الذي يحتضن اطفاله رغم تجاوزتهم فكم من مرة تجد الإبن يضرب الأب ويفرط في إهانته ورغم ذلك تجده يحتضنه ويحن عليه، رغم قوة الوالد وقدرته على قمع صغيره، هنا الفرق، وعندما أكتب مثل هذه المقالات فهي ليست دفاعا عن شخص الملك ولكننا نكتبها محبة له ولكي نقول له بأننا نحترمك ونقدر شخصك، وليس كما يقول الجهلة من سكان هذا الوطن طمعا في “الكريمات” أو الأوسمة في العمل أو أشياء مادية…. فعبد ربه كما يقول المغاربة: “معندناش ومخصناش” ممن يحبون ويقدرون الملك لسنا سوى أولاد الشعب “ضربتنا النفس” على هذا الملك الشهم، ونعرف جيدا معنى الحرية التي متعنا بها.
ربما ما لم يفهمه هولاء الاغبياء من تصريح الملك آنذاك بأنه عكس كل شخصيات ومسؤولي البلاد، ولا أدل على ذلك فلن تجد وزيرا أَو حتى رئيس جماعة إلا ويتابع قضائيا من أساء إليه سوء بالاخبار المغلوطة او التشهير….وهو طبعا حق مكفول حتى لملك البلاد بإعتباره إنسانا ومواطنا قبل أن يكون ملكا، لكنه إختار أن يعطي للمغاربة مساحة أكبر لتعبير والمكاشفة في إطار المعقول دون خطوط حمراء لكن بأدب.
فالتواضع الذي يغمرنا به هذا الملك هو أكبر دليل على نبل أخلاقه فكما يقال : “لا يتواضع إلا كبير” ولكي أوضح لكم الفرق بين هذا الملك ومن دونه من ملوك العالم السابقين والحالين، كان حقا علي أن أحيلكم مثلا على قصة مقتل طرفة بن العبد الذي هجا ملك الحيرة عمرو بن هند رغم الصداقة التي كانت تجمع بينهما، هذا لتعرفوا كيف كانت كلمات هذا الشاعر الشهير سببا في وفاته، أما الحديث عن القتلى من المعرضين فكريا في عصرنا فحدث ولا حرج، ولكم في التاريخ الحديث الكثير والكثير ممن تسببت افكارهم في مقتلهم.
حديث اليوم انهيه بنصيحة، إذا كان الملك قد منحنا هذه الميزة دون غيره في النقد وجعل شخصه محلا لنصح، فوجب أن نضع لأنفسنا ضوابط: اولا يجب أن يكون ذلك بكل إحترام وتوقير لشخصه ، ثانيا يجب أن تتوفر شروط في من يجب ان يتكلم عن الملك أو ينتقده في إطار إختصاصاته، فليس كل من هب ودب من الحشاشين وأرباب السوابق يمكنهم ذلك، ثالثا هناك طرق كثيرة لتحدث إلى الملك من خلال الديوان الملكي أو الرسائل المباشرة أو المنتخبين وممثلي الشعب أم هؤلاء الذين يطلعون علينا من شاشات التواصل الإجتماعي فليس غرضهم بالنسبة لي سوى جمع الدراهم والمشاهدات…..تحياتي
تمام ياسين
التعليقات مغلقة.