أش واقع تيفي / هشام شوراق
“اللي بغا يركب في التران يجيب معاه كيس يحك بيه علاش كاتبين بأن كاين المكيف وحنا كنموتو بالصهد” هذه ليست مجرد شكوى عابرة بل صرخة استغاثة من واقع مرير يعيشه يوميا مستخدمو القطار الرابط بين الدار البيضاء ومدينة الجديدة، ففي ظل صيف لاهب ودرجات حرارة مرتفعة تتحول رحلة القطار إلى جحيم حقيقي في غياب تام للمسؤولية والمحاسبة.
شهد خط القطار الرابط بين الجديدة والدار البيضاء مساء أمس فضيحة جديدة تمثلت في سلسلة من التوقفات المتكررة وغير المبررة، حوّلت رحلة المسافرين إلى معاناة حقيقية ففي مشهد يتكرر يوميًا، يجد المئات من الركاب أنفسهم عالقين وسط الخلاء، دون أي توضيح أو تبرير من قبل الجهات المسؤولة.
تأخر القطار الذي كان من المفترض أن يصل على الساعة 19:15، لأكثر من 45 دقيقة ليصل أخيرا في الساعة 20:00، بعد أن شهد ثلاث توقفات مفاجئة بين المدينتين هذا الاستخفاف الصارخ بسلامة وراحة المواطنين يعكس إهمالا غير مقبول ويطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام المكتب الوطني للسكك الحديدية بتقديم خدمة نقل تليق بالمواطنين إلى متى سيستمر هذا الاستهتار بحقوق المسافرين وكرامتهم؟
والمفارقة المؤلمة تكمن في اللافتات المنتشرة بجنبات العربات والتي تحمل عبارة “العربة مكيفة تحت قانون رقم 15-91″، بينما الواقع يكشف عن مكيفات معطلة تماما، تاركة الركاب يواجهون حرارة خانقة هذا التناقض الصارخ بين ما هو معلن وما هو مطبق يثير تساؤلات جدية حول مدى احترام القوانين والمعايير المعمول بها.
الأدهى من ذلك، هو الكشف عن “كارثة” حقيقية تهدد سلامة الركاب: مطفأة حريق منتهية الصلاحية منذ 20/04/2025، تم التلاعب بتاريخ صلاحيتها بالقلم ليمتد إلى 18/05/2025، ثم مرة أخرى إلى 17/06/2025 واليوم ونحن في 29/06/2025، لا تزال المطفأة نفسها موجودة، في تجاهل تام للخطر الذي قد تسببه في ظل درجات الحرارة المرتفعة، حيث يمكن أن تشتعل النيران في أي لحظة فهل ننتظر وقوع الكارثة لنتحرك؟
ولا تتوقف المآسي عند هذا الحد، فالمراحيض داخل القطار تحولت إلى بؤر للروائح الكريهة التي لا تطاق بسبب انعدام الماء مما يجعل الجلوس بجانبها أو حتى المرور من أمامها أمرا مستحيلا فهل بهذه العربات المتهالكة، التي تفتقر لأبسط شروط النظافة والسلامة، نستقبل بها السياح الأجانب ونحن على أعتاب تظاهرات رياضية دولية؟
“جحيم التران بعدما خسر بين ثلاثاء بوكدرة وآسفي… ساعة ونص والمسافرين كيتشواو في الحرارة وبعدما تقهرو هزو حوايجهم ومشاو للطريق يديرو أوطوسطوب” هذه شهادة أخرى تضاف إلى سلسلة المعاناة، تؤكد أن المشكلة ليست حادثة عابرة، بل أزمة هيكلية تتطلب تدخلا عاجلا.
يضاف إلى كل ذلك ما كشفه أحد الركاب في فيديو متداول، عن عدم وجود خدمة مباشرة بين الدار البيضاء والجديدة، مما يفرض على المسافرين تغيير القطار في محطة الدار البيضاء المسافرين والانتظار لساعات طويلة قد تصل إلى ساعة للحاق بالقطار المتجه إلى الجديدة كما أن القطارات المخصصة لهذا الخط قديمة ومكتظة خاصة في أوقات الذروة مما يجعلها غير ملائمة على الإطلاق للمسافرين اليوميين الذين يضطرون للبحث عن بدائل أكثر تكلفة.
إن هذا الوضع المزري يتطلب وقفة جادة من المسؤولين فالمواطن المغربي لا يستحق أن يعامل بهذا الاستخفاف وأن يترك وسط الخلاء في درجات حرارة مرتفعة وكأن حياته وراحته لا تساوي شيئا آن الأوان لوضع حد لهذا الإهمال الصارخ وتوفير خدمة نقل تليق بكرامة المواطنين وتطلعاتهم.
تعليقات
0