بيان لعامة المسلمين
بقلم الدكتور عيدودي عبدالنبي
خريج وحدة العقيدة والأديان في الفكر الإسلامي
من جامعة محمد الخامس الرباط
أحدث نداء القدس الذي وقعه أمير المؤمنين الملك محمد السادس و بابا الفاتيكان رجة في صف الإدارة الأمريكية و إنتكاسة داخل اللوبي الصهيوني، كما خلق النداء ارتياحا لدى جميع المسلمين و المسيحيين .. و لقي تأييدا رسميا من طرف الأمم المتحدة على لسان أمينها العام ..و توسعت دائرة التأييد الرسمى لهذا النداء عبر جميع المنظمات الدولية و الحقوقية التي تدافع عن حرية التدين و المعتقد..
في حين جاء البيان التكفيري بنهج التنظيمات التكفيرية .. الذي أصدره (علماء الإخوان ) بمثابة دعوة رسمية و سافرة تحث على الغلو و التطرف والقتل ،وتشجع الحركات المتطرفة على المزيد من التهديد للسلم والأمن من جديد.
كما نسجل من خلال (البيان التكفيري ) الذي أصدره الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فشلهم في تقزيم النتائج الثمرة لزيارة بابا الفاتيكان للمغرب، فعوض الاهتمام بنداء القدس الذي حظي بتعاطف دولي و تأييد رسمي من المنظمات الدولية، انكبوا ينقبون في وصلة غنائية جمعت بين ترانيم اليهودية و الميسحية و أنشودة السلام حين توظف فيها كلمة الله أكبر .. و قد أغفلوا سهوا أو قصدا أن كلمة التكبير في الآذان أو غير الآذان قد تكون بقول الله أكبر في أي مكان أو زمان أو أمام أي مشهد جميل /قبيح . يراه الإنسان المعتدل فلا تعد أذانا…فاشتغل السادة العلماء المنضوين تحت هذا الاتحاد على فكرة أساسية تهدف إلى محاولة تشويه المشهد الفني الرائع الذي يوحد أكثر ما يفرق و الذي يدعو إلى أن الله إله البشرية جمعاء …و هذا ما تجسد في نداء المنشد الذي أحسن الإنشاد و ليس الآذان في تلك الوصلة الإنشادية الرائعة .. و هو يجسد من خلالها إسلام الفاتحين من زمن عقبة و طارق ابن زياد إلى اليوم و ليس إسلام الإخوان الباكستاني الوهابي الأفغاني التركي.
نسجل أيضا من خلال قراءتنا( للبيان التكفيري )بكل عمق أنه بيان ضعيف، ضئيل ، حصير ، لم يرقى إلى مستوى التحليل العلمي الأكاديمي و اكتفى بسرد أيات يحاول أن يلفها في سياقات لا علاقة لها بأسباب نزولها أو أحكامها العامة أو الخاصة ودون تحديد للمقيد أو المطلق فيها ...علما أن الصيغة لم تتضمن حي على الصلاة حي ولا على الفلاح التي تفيد دخول وقت الصلاة .
كما أن البيان التكفيري يعد وصمة عار على جبين هيئة علمية تصدر بيان للكفر كردة فعل على عمل جبار وعظيم صدر عن إمارة المؤمنين ، فعوض أن تكون هذه الهيئة هي الفاعل الرسمي في قضايا الأمة و المسلمين نجدها تقثاث على فتات الكبار .. وتعرقل سير الأمة .. في وقت انبرت فيه إمارة المؤمنين إلى الاهتمام بقضايا الأمة و إلى تسجيل تقدم إيجابي في التعاطي مع التحولات التي تعرفها القضية الفلسطينة و بالأخص مسألة القدس الشريف حين أعلنت عاصمة لإسرائيل من طرف الإدارة الأمريكية لترامب وفتح سفارة أمريكية بها ، فالملك محمد السادس بإعتباره رئيس لجنة القدس الشريف حدد موقفه من القدس من خلال إصدار نداء القدس الذي وقعه بمعية بابا الفاتيكان .. وهذا يعد نجاحا لإمارة المؤمنين في الدفاع عن وحدة القدس و عن الرموز الدينية للمسلمين… و فشل (الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ) في الدفاع عن قضايا الأمة و الإكتفاء بالتشجيع على التطرف و الإرهاب عبر بيانات التكفير .
ما قدمه (علماء الإخوان) حول الصيغة التلفيقية للآذان و الخزعبلات حسب ما جاء في (البيان التكفيري ) ينبني على قراءات تاريخانية و ثراثية لا تمت للواقع بصلة، فأولا عندما نتحدث عن الأذان فله شرط زماني و شرط مكاني، فالشرط الزماني هو دخول وقت الصلاة و الشرط المكاني هو مكان إقامة الصلاة، فلا صلاة خارج الوقت و لكل صلاة مكان ، و بإعتبار أن الحفل كان بمعهد تكوين الأئمة المرشدين و المرشدات الذي هو مكان للتكوين و التأطير و إنتاج الفكر الإسلامي المعتدل و ليس مكان للتعبد و الصلاة .. فما جاء من تكبير وتهليل في هذا الحفل ليس من الآذان .. نظرا لعدم توفر الشرط الزماني و الشرط المكاني للصلاة و بالتالي يسقط مفهوم الآذان عن ما قاله المنشد في هذا الحفل البهيج الذي يتضمن وصلات فنية روحية راقية توحد بين الأديان و لا تفرق... وقد سبق للفنان العربي المسلم المتزن صباح فخري أن قام بالدمج صيغة الله أكبر في أنشودته الغنائية:( ...قد كان شمر للصلاة ثيابه..)ولم نلاحظ أي بيان من هذه الهيئة .
نحن نعلم جميعا أن (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)الدرع الدعوي لحركة الإخوان المسلمين عبر العالم تعيش اختناق بسبب تحرك الدبلوماسية الدينية لإمارة المؤمنين وإنجاحها لزيارة بابا الفاتيكان .. و ما ترتب عن هذه الزيارة من قرارات لها طابع دولي كتوقيع نداء القدس الذي سبق أن تمت الإشارة له في أول هذا المقال، أعطى لإمارة المؤمنين إشعاعا دوليا على المستوى الإفريقي و الأوروبي و الأسيوي مما سبب حرجا للدرع الإتحاد الدعوي للإخوان المسلمين و عرى عن عجزهم في التعاطي مع مثل هذه القضايا الكبرى التي تمس الأمن الروحي للمسلمين في العالم..
ونخلص الحق أن نداء القدس شكل نجاح كبير لإمارة المؤمنين دوليا ووطنيا.. و أما (البيان التكفيري ) فيعد فشل ذريع للاتحاد العالمي (لعلماء) المسلمين .. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
بقلم الدكتور عيدودي عبدالنبي
خريج العقيدة والأديان
من جامعة محمد الخامس الرباط
التعليقات مغلقة.