أش واقع تيفي / مجرد رأي
نظمت منظمة “ألينت” الإسرائيلية التي تُعنى بالترويج لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين أوروبا و”إسرائيل” بتاريخ 7 تشرين أول / أكتوبر جلسة حوارية، أدلى فيها السفير الفرنسي لدى “إسرائيل” إريك دانون بتصريحات غير مسبوقة فرنسياً، حيث قال: “قبل 6 أشهر، لم يكن أحد يتخيل أن إسرائيل والإمارات والبحرين ستوقع على اتفاقية إبراهام، وعلى الفلسطينيين أن يأخذوا بالحسبان وضعهم الضعيف على الساحتين الدولية والعربية”، ولم يستبعد دانون إمكانية حل مختلف عن حل الدولتين.
تقود تصريحات دانون إلى افتراض استنتاجي مفاده أن القضية الفلسطينية قد دخلت مرحلة جديدة ما بعد التطبيع العربي العلني مع الكيان الإسرائيلي، بدأت تفقد فيها مكانتها على الأجندة الدولية، ما يعيد للأذهان المرحلة التي مرّت بها القضية الفلسطينية وما زالت ما بعد الانقسام الفلسطيني إثر انقلاب صيف عام 2007، وتحديداً في فترة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية (2013-2014).
أثر الانقسام آنذاك بشكل واضح على المفاوضات ومسارها ، وذلك لا يمكن أن يختلف عليه أي مواطن أو سياسي فلسطيني. فالانقسام الفلسطيني البغيض أدى إلى شرذمة المجتمع الفلسطيني، وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ، الأمر الذي أضعف منظمة التحرير الفلسطينية وموقفها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في داخل وخارج الوطن.
ورأت “إسرائيل” في الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني هدية قدمت لها على طبق من فضة ، فهي الأقوى في العملية التفاوضية، ليس فقط لقوتها العسكرية الاحتلالية على أرض الواقع بل لأنها استخدمت الانقسام الفلسطيني كأداة لإفشال المفاوضات بالتشكيك في تمثيل الرئيس محمود عباس للفلسطينيين ومقدرته على التوقيع على اتفاق سلام في ظل سيطرة حماس على غزة. كما نستدل من بعض الأصوات النقدية في الصحافة الاسرائيلية الى أن الكيان الاسرائيلي بأحزابه اليسارية واليمينة المتطرفة رأت في الانقسام الفلسطيني فرصة لتعزيز موقف “إسرائيل” دولياً، وبارقة أمل لإجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات سياسية تكسبها “اسرائيل” لصالحها محلياً ودولياً.
إن إشاحة المجتمع الدولي نظره بعيداً عن القضية الفلسطينية تؤكّد من جديد على أن لغة القوة والمصالح هي وحدها التي تتحكم بالعلاقات الدولية، وتدلّل من جهةٍ أخرى على ترهّل مجتمع الثورة الفلسطينية الذي سببته التبيانات والتناقضات الثانوية الضيّقة التي حالت دون وجود حياة اجتماعية وميدانية واحدة.
وبالرغم من المحادثات الفصائلية الإيجابية التي تُجرى اليوم، إلا أن عودة الروائح الكريهة إلى الاجواء، والتي نلمسها بوضوح في وسائل التواصل الإجتماعي تستوجب الاستعجال في إنتاج عطور المصالحة والوحدة الوطنية .
إن إنهاء الإنقسام هو بداية صحوتنا .. وإذا ما استمرت جهود إنجاز وتعزيز الوحدة الوطنية وتجسيدها على الأرض، سيكون لدينا أوراق قوة ستقصم ظهر العدو ،وتعيد للقضية الفلسطينية مكانتها على الأجندة العالمية. حيث أن وحدة الحالة الفلسطينية وقوتها على الأرض سيتبعها وجوباً ارتدادت كبيرة على المستوى الدولي والخارجي، لأن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالقوة.
بقلم فادي أبوبكر
التعليقات مغلقة.