آش واقع تيفي / عزيز سدري
استأثرت قضية الطفل المغربي ريان، ذي الخمس سنوات، العالق في بئر بعمق 32 مترا، بقرية إغران بجماعة تمروت بإقليم شفشاون منذ سقوطه (الثلاثاء) الماضي، باهتمام بالغ لمختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية منذ بداياتها الأولى، وأصبحته قصته التي تحبس الأنفاس وتؤرق الملايين من المتابعين عبر القارات الست، تتجاوز أخبار جائحة “كورونا” وغيرها من الأحداث الدولية الراهنة، حيث تصدر هاشتاغ “#أنقدو ريان” قائمة الترند بالمغرب وباقي دول العالم في جميع منصات “السوشيال ميديا”.
بداية الحكاية…
بدأت قصة الطفل الريان التي هزت العالم، بعد أن فقده أهله فجأة يوم الثلاثاء الماضي، واكتشفوا أنه في الحفرة أو البئر الذي يبلغ عمقه 32 مترا، بعد سماع صوت بكائه، حيث صرح والده في حديث لوسائل الإعلام، قائلا: “إن البئر كانت مغطاة بأخشاب وأنه انتظر إنتهاء الأمطار للشروع فى ترميم الفتحة دون أن يخطر بباله أن تقع هذه الكارثة ويقع ريان في البئر.
وفور علمهم بالخبر، قام أفراد أسرة الطفل ريان بإشعار السلطات المحلية، وتأكدوا من سقوطه في البئر بعد إنزال كاميرا هاتف إلى داخله، لتبدأ عملية البحث عنه ومحاولة سحبه باستعمال وسائل تقليدية، وبعد استحالة الوصول إليه، تم إشعار السلطات في مدينة شفشاون وتوسيع الأجهزة المشاركة في البحث لتتكثف الجهود منذ ليلة الأربعاء عقب انتشار الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وانتشرت أخبار وقصة الطفل ريان، منذ الخميس، مثل النار في الهشيم، لتصبح قضية رأي عام، لا سيما بعد انتشار عدد من مقاطع الفيديو، التي ظهر فيها وهو ما زال يتحرك بشكل طفيف، مما أنعش آمالا واسعة بإخراجه وهو لا يزال على قيد الحياة.
ومع حلول الجمعة، انحسرت الصور التي جرى الحصول عليها من خلال كاميرا تم إنزالها إلى موقع ريان، على عمق نحو 30 مترا، وبحلول يومه السبت، نقلا عن مصادر في فرقة الإنقاذ، قالت إنه لم تعد ثمة صور حديثة لريان، لأن وجهه لم يعد في الجهة المقابلة للكاميرا، وأن “هذه الاستدارة عرقلت رصد مؤشرات وضعه الصحي”.
هاشتاغ “#أنقدو ريان”.. وسط تعاطف محلي ودولي
ومنذ الساعات الأولى من يوم الأربعاء، تصدر هاشتاغ ‘#انقذوا_ريان’ منصات التواصل الاجتماعي بالوطن العربي، وسط تعاطف كبير مع الطفل ريان، الذي سقط في بئر يبلغ عمقه 32 مترا، في قرية أغران بجماعة تمروت بإقليم شفشاون.
جذور المشكل رغم محاولات إنقاذه متواصلة
يوسف المساتي، الفاعل الجمعوي، والباحث المغربي المتخصص في علوم الآثار والحفريات، قال في تصريحله، أن المنطقة تعرف وجود عدد كبير من الآبار وأنابيب الري أو ما يعرف بـ”الصوندات”.
وأوضح المتحدث ذاته، أن أغلب تلك الآبار وأنابيب الري، تم حفرها بطريقة تقليدية، وتغيب عنها مواصفات الأمان، مؤكدا أنه منذ سنوات خلت نبهت عدد من الأصوات إلى خطورة هذه “الصوندات” على الفرشة المائية وعلى التربة بالمنطقة، وأيضا على المستوى الوقائي .. لكن للأسف انساق أغلب الفلاحين وراء الرغبة في الرفع من مردوديتهم، يضيف المساتي.
مساعي إنقاذ الطفل ريان وتأخر العملية..
وأكد يوسف المساتي، أنه من أجل الموضوعية، فعملية الإنقاذ تجري على قدم وساق، حيث إن للمنطقة خصوصيات جغرافية وجيولوجية جد معقدة، إذ بفعل زراعة الكيف بشكل مستمر ومتواصل استنزفت تربتها الخشة.
وأضاف، أنه حتى صخور المنطقة فإن أغلبها مفتت، وتعرف هذه الظاهرة محليا باسم “الفريش”.. زد على هذا وعورة المسالك والتضاريس.. فسنويا تسجل حوادث انقلاب جرارات.. أما انجراف التربة فأمر طبيعي مع كل موسم هطول للأمطار… إضافة لاجثات الغابات من أجل زراعة الكيف والذي أصبح عنصرا مساعدا على انجراف التربة.
ولفت المصدر ذاته، إلى أن كل هذه العوامل تجعل من خطر الانهيارات واردا جدا، اذا ما أضفنا لهذا مشكلة ازدحام وتجمهر عدد كبير من الناس دون سبب ما يشكل عامل ضغط على التربة والأشغال المواصل لآلات الحفر وعمق الحفر، وكون “الصونجا” مهجورة، وتعرف غياب أبسط الوسائل الوقائية.. كل هذه العوامل تجعل عملية، الانقاذ جد صعبة والخطر يتجاوز ريان ليشمل فريق الانقاذ، بل وحتى المتجمهرين هناك.
وأبرز المساتي، أن الجميل في كل هذا أن فريق الانقاذ واعي بكل هذه المخاطر، ويحسب حساب كل خطوة مع مراعاة السرعة والفعالية والتأمين.. وبالنظر إلى الظروف المحيطة بالعملية بمكن القول دون مبالغة إن العملية لم تتأخر.
واضطرت فرق الإنقاذ إلى وقف عمليات الحفر؛ إثر انهيار جزئي للتربة، قبل أن تعود الجرافات للعمل مجددا من أجل إخراج الطفل البالغ 5 أعوام، من البئر الواقع قرب منزل أسرته بقرية إغران بجماعة تمروت بإقليم شفشاون.
لماذا استأثرت قصة ريان باهتمام عالمي؟
حظيت قضية الطفل ريان بتعاطف العالم، واستأثرت اهتمام الرأي العام الوطني والدولي، وأضحت أماني المتعاطفين معه أن يتم انتشاله من قعر الجب سليما معافى ويستعيد طفولته البريئة ويرجع إلى أحضان عائلته الفقيرة، لكن ما سر هذا الاهتمام الكبير بقصة ريان.
في هذا الصدد، لخص أمين سامي، الخبير والاستشاري في التخطيط الاستراتيجي للمنظمات غير الحكومية، في حديث مع له السؤال الآنف ذكره، والذي طرحناه عليه، في أربعة نقاط رئيسية، قائلا: “إنه يجب أن نعترف أن القضية أخدت بعد دولي وإنساني لعدة أسباب أهمها:
1. مواقع التواصل الاجتماعي سهلت العملية وأتاحت سرعة انتشار الحدث في ظرف قياسي.
2. طريقة تعقد الانقاد والعدة المستعملة والموارد البشرية والموارد التقنية الموظفة هي التي جعلت هذا الحدث يأخد البعد الدولي.
3. الاهتمام الحكومي بالموضوع بشكل مباشر هو الذي جعل الحدث ذو أهمية بالغة.
4. المدة الزمنية التي قضاها الطفل بالبئر ليست بالمدة البسيطة.
وبالتالي، يضيف المصدر ذاته، فإن كل هذه المعطيات جعلت من الحدث يحظى بالاهتمام الوطني والدولي.
ساعات حاسمة في عملية إنقاذ الطفل.. وانتظار الخبر المفرح
ويقف في هاته الأثناء فريق من رجال الوقاية المدنية عند مدخل النفق الأفقي الذي تطلب حفره جهودا مضنية منذ الأربعاء، استعدادا لإخراج الطفل البالغ خمسة أعوام، من البئر الجافة التي يبلغ عمقها 32 مترا حيث سقط عرضا، حيث جهزت السلطات مروحية طبية على أمل إنقاذه حيا لينقل إلى أقرب مستشفى.
ويرافق فريق طبي الطاقم المؤلف من رجال الوقاية المدنية، الذين بذلوا جهود مضنية منذ الأربعاء للتمكن من إخراج ريان حيا، علما بأن الوضع الصحي للطفل غير معروف حتى الآن.
التعليقات مغلقة.