أش واقع تيفي / الجديدة
كانت مدينة الجديدة إلى وقت قريب تُعد من أجمل وأهدأ المدن الساحلية في المغرب وكانت تستقطب الزوار من داخل الوطن وخارجه بفضل شواطئها النظيفة ومآثرها التاريخية ومناخها المعتدل وكذا جوها العائلي الهادئ الذي جعل منها وجهة سياحية مفضلة لدى الكثيرين.
لكن اليوم لم تعد الجديدة كما كانت بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى بؤرة للفوضى والإجرام وترويج المخدرات حيث صارت الأحياء الشعبية تعيش تحت وطأة الخوف الدائم بسبب تفشي الجريمة في وضح النهار وغياب التدخلات الأمنية الفعالة.
شهود عيان من ساكنة الأحياء الشعبية مثل سيدي الضاوي ولالة زهرة والبركاوي وحي السعادة أكدوا أن المخدرات تباع علانية في الشوارع وأن المجرمين يتحركون بحرية دون أدنى خوف من السلطات وكأن القانون لم يعد له وجود.
المثير للقلق أن بعض الجانحين الذين يتم توقيفهم لا يقضون في السجن سوى يوم أو يومين ليعودوا من جديد لممارسة نفس الأفعال الإجرامية مما يجعل المواطنين يشعرون بانعدام الحماية وغياب الردع القانوني الحقيقي.
هذا الوضع المزري لا يقتصر فقط على الجريمة بل يتعداه إلى مشكل البطالة الخانقة التي يعاني منها شباب المدينة بشكل مقلق فالجديدة ورغم أنها تحتضن واحدا من أكبر المجمعات الصناعية في إفريقيا وهو المجمع الشريف للفوسفاط إضافة إلى الحي الصناعي الضخم الذي يضم عشرات الشركات والمعامل إلا أن هذه البنيات لم تنعكس إيجابا على واقع التشغيل المحلي حيث ما زال شباب المنطقة يعاني من التهميش والإقصاء من فرص العمل المتاحة داخل هذه المؤسسات الصناعية الكبرى التي كثيرا ما توجَّه إليها اتهامات بعدم منح الأولوية لأبناء الإقليم في التوظيف والاعتماد على عمالة وافدة من مناطق أخرى وهو ما يُشعر شباب الجديدة بالحيف والظلم ويزيد من حجم الاحتقان الاجتماعي ويفتح الباب على مصراعيه أمام مشاعر الإحباط واليأس التي تدفع بالكثير منهم إلى الانزلاق نحو مسارات مظلمة مثل الجريمة وتجارة وترويج المخدرات بحثا عن مورد رزق في غياب البدائل الحقيقية للتشغيل الكريم.
في ظل هذه الظروف الصعبة صار الشباب أكثر عرضة للانحراف والإدمان حيث تغيب فرص الشغل والتكوين ويتزايد الإحباط واليأس مما يدفع الكثيرين إلى الوقوع في فخ المخدرات أو الجريمة المنظمة بحثا عن مورد عيش سريع.
فهل ستبقى مدينة الجديدة غارقة في الفوضى إلى ما لا نهاية أم أن هناك أمل في تدخل حقيقي يعيد الاعتبار لمدينة كانت يوما ما رمزا للجمال والنظام والسياحة الجذابة؟
تعليقات
0