أش واقع تيفي / الرباط
بعد مرور أكثر من عام و نصف على إطلاق وعود الحكومة بشأن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر ومنحة الولادة ما تزال الأسر المغربية الهشة تنتظر تفعيل هذه الالتزامات على أرض الواقع دون أن يلوح في الأفق أي أثر فعلي لهذا المشروع الذي رُوج له بكثافة نهاية سنة 2023 فقد كشفت الوقائع اليومية أن ما تم تقديمه أمام غرفتي البرلمان لم يكن سوى حبر على ورق بينما تستمر معاناة الفئات المستهدفة مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور قدرتها الشرائية.
وقد قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش كان قد أعلن وسط احتفاء رسمي عن تخصيص منحة 2000 درهم عن الولادة الأولى و1000 درهم عن الثانية بالإضافة إلى دعم شهري مباشر قد يتجاوز 1000 درهم حسب تركيبة الأسرة لكن إلى حدود ربيع 2025 لم تتوصل الأسر بأي دعم ملموس بل إن الغموض يلف حتى معايير الاستفادة وطرق التوزيع رغم الحديث آنذاك عن شبكة أمان اجتماعي متكاملة واستراتيجية محكمة للتنزيل.
وسب للحكومة أن تحدثت حينها عن تخصيص ميزانية ضخمة تناهز 40 مليار درهم سنويًا ابتداء من سنة 2026 تشمل التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر إلا أن المواطنين لم يلمسوا سوى استمرار نفس البرامج الاجتماعية التقليدية بينما بقي الإصلاح الشامل الذي بشر به رئيس الحكومة مجرد وثائق وإعلانات فارغة لم تجد طريقها إلى التنفيذ العملي.
أما بخصوص مصادر التمويل التي تم الترويج لها في تلك المرحلة والتي شملت تعبئة 20 مليار درهم من الموارد الذاتية وتوظيف احتياطات صندوق التماسك الاجتماعي والإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة فلم يتضح أي أثر فعلي لها على ميزانيات الأسر الفقيرة حيث ظلت الوعود متناقضة مع الواقع المعيش الذي يسجل تراجعا ملحوظا في المؤشرات الاجتماعية وزيادة نسب الهشاشة والفقر.
وفيما كان من المفترض أن ينطلق العمل بمنحة الولادة منذ أواخر 2023 وأن يبدأ صرف الدعم الاجتماعي المباشر مع بداية 2024 كما التزمت الحكومة إلا أن الأسر المعنية ظلت رهينة الانتظار في ظل غياب تام للتواصل الرسمي الواضح حول مصير هذا الورش الكبير الذي اعتُبر في البداية إحدى أبرز أوراش العدالة الاجتماعية بالمملكة.
تؤكد الوقائع اليوم أن مشروع الدعم الاجتماعي المباشر الذي حملته الحكومة كشعار تنموي واجتماعي فشل في إخراج الأسر الفقيرة من دائرة الانتظار والوعود وأثبت أن الحديث عن الحماية الاجتماعية الشاملة لم يتعد مرحلة الخطابات الرسمية مما يكرس أزمة الثقة ويعمق الإحساس بالتهميش لدى الفئات التي كانت تأمل أن تجد متنفسا في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية تزداد تأزما سنة بعد أخرى.
ويبقى السؤال العريض الذي يفرض نفسه بقوة اليوم هو: هل فعلا رُصدت الميزانية الضخمة التي تحدثت عنها الحكومة لهذا الورش الاجتماعي أم أن الأمر لم يتجاوز التصريحات الإعلامية المتكررة فالمواطن المغربي الذي عايش تفاصيل تلك الوعود لم يلمس أي أثر ملموس لها في واقعه اليومي لا على مستوى الدعم المباشر ولا من حيث التغطية الصحية للفئات الهشة مما يطرح علامات استفهام كبرى حول مصداقية الأرقام المعلنة وحقيقة مصير الميزانيات التي كان يفترض أن تخرج منذ سنة 2024 لدعم ملايين الأسر التي باتت تغرق أكثر فأكثر في أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة.