أش واقع تيفي / هشام شوراق
تتجدد فصول الأزمة الإنسانية لضحايا زلزال الحوز، لتكشف عن فجوة عميقة وواضحة بين البيانات الحكومية المتفائلة والواقع المعيشي الصعب للأسر المتضررة، فقد أعلنت التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز عن تنظيم وقفة احتجاجية حاسمة أمام البرلمان بالرباط، يوم الاثنين 3 نونبر المقبل، للتعبير عن رفضها للتماطل والإقصاء الذي يطال آلاف الأسر بعد مرور عامين كاملين على الكارثة الطبيعية، هذا التحرك الاحتجاجي يأتي كرد مباشر على التصريحات الرسمية التي تبجحت بوصول نسبة الإنجاز والتعويض إلى مستويات قياسية.
تستمر المأساة في ظل ظروف قاسية، حيث لا تزال العديد من الأسر المنكوبة تقيم في “خيام بلاستيكية تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة”، هذه الملاحظة، المستمدة من بيان التنسيقية، تلقي بظلال الشك على الخطاب الرسمي الذي تبناه رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزيرة الإسكان فاطمة الزهراء المنصوري، عندما أشارا إلى وصول نسبة الاستفادة من التعويضات إلى ما يتجاوز 90%، إن خروج الضحايا للاحتجاج يضع مصداقية هذه الأرقام تحت المساءلة، ويطرح التساؤل: هل تتطابق هذه النسبة المُعلنة مع الواقع الميداني الذي لا يزال يعج بأسر مقصية ومحرومة؟
تنتقد التنسيقية بشدة تصريحات الوزيرة المنصوري حول “الإنصات” و”البحث عن الحلول”، مشيرة إلى أن آلاف الأسر نظمت عشرات الوقفات وراسلت الجهات الرسمية طوال عامين كاملين دون أن تجد أي “أذن صاغية”، هذا التناقض بين الدعوة للإنصات والغياب الفعلي للاستجابة الملموسة يثير علامات استفهام حول فعالية آليات التواصل الحكومية مع المتضررين الأكثر حاجة.
من جهة أخرى، تُعتبر تصريحات رئيس الحكومة أخنوش حول “الجهود المبذولة” و”العمل الجاري لإنهاء معاناة ما تبقى من إعادة الإعمار” محل جدل واسع، حيث تتعارض مع التقارير الميدانية وصور المقاطع المرئية التي توضح استمرار الإقامة في الخيام ونقص الخدمات الأساسية، هذا التباين بين الخطاب الرسمي والتفاصيل الميدانية يضع الجهود الحكومية موضع نقد، ويدفع إلى التساؤل عن مدى دقة الأرقام المُعلنة في عكس الحالة الفعلية لمناطق الحوز.
ومما يضاعف من وطأة المأساة هو قدوم فصل الشتاء، حيث يواجه الآلاف من الضحايا خطر البرد القارس والأمطار الغزيرة وهم لا يزالون يبيتون في خيام بلاستيكية واهية، هذا التهديد المناخي يزيد من الضرورة الملحة للتحرك الفوري، ويتجاوز مجرد التعويض المالي ليصبح قضية إيواء وحماية للأرواح والكرامة الإنسانية، خاصة وأن التنسيقية تؤكد أن آلاف الأسر لم تتلق سوى التعويض الخاص بالهدم الجزئي رغم فقدانها لمنازلها بشكل كامل.
إن المطلب الآن يتجاوز البلاغات والتصريحات ليصبح مطلباً إنسانياً عاجلاً يقتضي تدخلاً حاسماً وفورياً لإعادة النظر في تدبير الملف، يجب تسوية الملفات العالقة دون مزيد من التماطل، وتعميم التعويضات على جميع الأسر المقصية، والأهم هو العمل الجدي لإنهاء مأساة العيش في الخيام قبل أن يضرب الشتاء بقوته المناطق الجبلية المنكوبة.
كما يبرز مطلب آخر لا يقل أهمية، وهو المحاسبة والمساءلة لكل من ثبت تورطه في أي تلاعب أدى إلى إقصاء أسر مستحقة من حقها في الدعم إن هذه الوقفة الاحتجاجية هي جرس إنذار أخير للحكومة لكي تتوقف عن تجميل الواقع وتنتقل إلى لغة الإنصاف والعدالة الاجتماعية، مع الاهتمام بوضع الأسر التي تبيت في العراء على أعتاب فصل البرد.






تعليقات
0