أش واقع تيفي/ الرباط
شهدت مدينة فاس تصعيداً جديداً في التوتر بين السلطات المحلية والمهنيين الإعلاميين، إثر صدور بيان استنكاري حاد اللهجة عن جمعية المستقبل للصحافيين الشباب، يدين بشدة السلوك الذي بدر من عمدة المدينة، السيد عبد السلام البقالي، خلال أشغال الجلسة الرابعة من دورة أكتوبر وجاء هذا البيان ليؤكد أن ما أقدم عليه العمدة يُعد “انتهاكاً خطيراً” و”تضييقاً صارخاً” على حرية الصحافة.
الجمعية أشارت بوضوح إلى أن طريقة مخاطبة العمدة للصحافيين الحاضرين في الجلسة، التي اتسمت بـ “لغة الأمر” والتركيز الأحادي الجانب على “الجوانب الإيجابية” فقط، هي “سلوك تمييزي صارخ” يوجه ضربة قاسية لحرية الصحافة ويُفقد العملية الإعلامية حيادها ومهنيتها، ويؤكد البيان أن التغاضي عن الأمور السلبية وتجاهل الأسئلة المُلحة هو نهج “مرفوض” ويتنافى مع الدور الرقابي الذي يضطلع به الصحافي.
وندد البيان بـ “الصراحة والشدة” بهذا السلوك غير المسؤول، مُعتبراً أن هذه التصرفات لا تعكس سوى “تخبط خطير في الخطاب” وتمس بصورة تدبير الشأن العام، كما شدد على أن التضييق على الصحافيين في عملهم هو مساس بالحقوق الدستورية للمواطنين في الوصول إلى المعلومة وتنوير الرأي العام، وهي حقوق مكفولة لا تقبل المساومة أو التقييد.
في سياق متصل، طالبت الجمعية بحماية الزملاء الإعلاميين الذين يتعرضون لمثل هذا “التعسف”، ودعت إلى الوقوف صفاً واحداً ضد أي محاولات للحد من حرية الإعلام والصحافة، وأكدت أن إجبار الصحافيين على العمل بجد وإخلاص من أجل نقل الحقيقة وتنوير الرأي العام هو مهمة وطنية نبيلة لا يجوز لأي مسؤول محلي أن يضع العراقيل أمامها.
الجمعية لم تكتف بالاستنكار، بل جددت إشادتها بـ “الالتزام الأخلاقي والمهني” للصحافيين، مشيرة إلى أنهم أثبتوا نزاهتهم في نشر المعلومات التي يتم رفض نشرها، ومنح الفرصة لكافة مكونات المجلس للتعبير عن آرائها، سواء كانت أغلبية أو معارضة، هذا الموقف يؤكد أن الهيئة الصحافية تظل نقطة يقظة ومحاربة في الدفاع عن حرية الصحافة وحق الصحافيين في أداء مهامهم دون أي تهديد أو تضييق.
وفي الختام، وجهت الجمعية رسالة واضحة مفادها أن هذا السلوك الصادر عن عمدة فاس هو “سابقة مُتكررة ومرفوضة” في المجال، ويجب على كل الجهات المعنية التدخل الفوري لوضع حد لمثل هذه “التجاوزات السلطوية” التي تمس بشكل مباشر بأخلاقيات المهنة وتضرب عرض الحائط بالمبادئ الدستورية التي تضمن حرية الرأي والتعبير.
إننا، كجسم صحفي ملتزم بمهنية النقل والتحليل، نرفض رفضاً قاطعاً هذا السلوك المتعجرف والتوجيهي الذي صدر على لسان العمدة، وكأنه يملك الحق في إصدار الأوامر وتحديد ما يجب نقله إعلامياً، إن مطالبة العمدة المراسلين والإعلاميين بـ “نقل ما هو إيجابي فقط” هي محاولة فاضحة لـ “تكميم الأفواه” و”تشويه الحقيقة”، وهي إهانة مباشرة لاستقلالية مهنة الصحافة، إن الإعلام ليس أداة ترويجية في يد السلطة المحلية، بل هو سلطة مضادة ورقيب على الأداء، ولن نساوم أبداً على حقنا في التغطية الشاملة والموضوعية، هذه اللغة “المتعجرفة” لن تجد فينا إلا صدّاً مهنياً صارماً.
ولم تتوقف الشبهات عند حدود التضييق على الإعلام، بل إن المؤشرات الميدانية تكشف عن خلل عميق داخل مجلس المدينة نفسها، إن المنظر البائس لـ “القاعة الفارغة” التي شهدت غياباً ملحوظاً للأعضاء والمستشارين عن الدورة، هو دليل دامغ على وجود الامبالات “ما مسوقينش” دفعت المستشارين إلى الامتناع عن الحضور، هذا الغياب الجماعي ليس مجرد صدفة، بل هو داءم يعبير عن عمق الأزمة ووجود ملفات مُعلّقة تمنع التمثيلية المنتخبة من ممارسة مهامها، مما يضع عملية التدبير برمتها تحت طائلة المساءلة القضائية والشعبية، ويؤكد الحاجة الماسة لفتح تحقيق شفاف في كل هذه الملابسات.







تعليقات
0