نصر ح. – آش واقع؟
ولد طه عبد الرحمان في مدينة الجديدة سنة 1944، متنفحا عبق مطالبة المغاربة باستقلال البلاد من نير الاستعمار، وفي عاصمة منطقة دكالة تابع طه دراسته الابتدائية، وبعدها انتقل إلى المدينة المجاورة الدار البيضاء ليكمل فيها دراسته الثانوية، ليحول وجهته صوب العاصمة الرباط حيث حصل على شهادة الإجازة في الفلسفة.
سافر إلى فرنسا لاستكمال دراسته في جامعة السوربون، وحصل على إجازة ثانية في الفلسفة ثم دكتوراه السلك الثالث عام 1972 في موضوع “اللغة والفلسفة: رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود”.
رجع إلى المغرب أستاذا في جامعة محمد الخامس بالرباط يدرّس المنطق وفلسفة اللغة، وحصل على دكتوراه الدولة عام 1985 بأطروحة تحت عنوان “رسالة في الاستدلال الحجاجي والطبيعي ونماذجه”.
الوظائف والمسؤوليات
عمل طه عبد الرحمن أستاذا للمنطق والفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط منذ عام 1970 إلى 2005.
وهو عضو في “الجمعية العالمية للدراسات الحِجَاجية” وممثلها في المغرب، وعضو في “المركز الأوروبي للحِجَاج”، ورئيس منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين بالمغرب.
التوجه الفكري
عبر سنوات من التدريس ومؤلفات عديدة ودراسات ومحاضرات فكرية في المغرب وخارجه، رسم طه عبد الرحمن مشروعا فلسفيا أو رؤية تميزه عن غيره من المفكرين، من خلال الجمع بين “التحليل المنطقي” و”التشقيق اللغوي”، مع الارتكاز على مفاهيم من التراث الإسلامي ونفحة صوفية.
التجربة الفلسفية
عمل على فك الارتباط بين الفلسفة ومفهوم الحداثة وبين الفكر الغربي كذلك، ليؤكد أن لكل ثقافة وحضارة فلسفتها وحداثتها الخاصة. وجعل الفكر النظري والعمل الأخلاقي وجهان لعملة واحدة، معارضا بذلك الفكر الغربي الحديث الذي يستبعد الأخلاق في شقها العملي.
رفع شعار “الأخلاق هي الحل” أو ما سماه في بعض كتبه -مثل “روح الدين” و”سؤال العمل”- بـ”العمل التزكوي”، واعتبر أن الازدواجية في الفكر الإسلامي العربي شلت قدرة أهله على الإبداع الفلسفي، لاستخدام مفاهيم في الممارسة الإسلامية العربية تحذو حذو المنقول الفلسفي الغربي حذو النعل بالنعل.
طالب بإعادة النظر في كل المفاهيم التي نتلقاها، والاعتماد على مصطلحات وليدة من ثقافتنا، وإبداع المصطلحات والمفاهيم اللازمة لعملية التجديد، لأن المفاهيم هي المدخل للمعرفة وضبط السلوك المعرفي للإنسان.
انتقد نقل الحداثة الغربية للعالم العربي والإسلامي دون ابتكار وتمييز، ودون التفريق بين واقع الأشياء وبين روحها، معتبرا أن الروح تعني في هذا السياق مجموعة القيم ومجموعة المبادئ التي يشكل الواقع تجسيدا لها، وبالتالي فالحاجة لبحث الحداثة كقيم ومبادئ لا كواقع.
لاحظ أن العالم العربي والإسلامي عرف ما سماه بـ”اليقظة الدينية” أو “اليقظة العقدية” منذ أكثر من ثلاثة عقود تحتاج وفقا لما ذكره في كتابه “العمل الديني وتجديد العقل” لـ”سند فكري محرر على شروط المناهج العقلية والمعايير العلمية المستجدة، فلا نكاد نظفر عند أهلها لا بتأطير منهجي محكم، ولا بتنظير علمي منتج، ولا بتبصير فلسفي مؤسس”.
رفض اعتبار العقل كيانا مستقلا لأنه هو فاعلية الإنسان، وشدد على أهمية وضرورة الربط بين الفاعلية النظرية المجردة (العقل) وبين الشعور الذاتي الداخلي (الاحساس أو القلب) والعمل (التطبيق).
سعى لتجديد الفكر الديني الإسلامي لمواجهة التحديات الفكرية التي تطرحها الحضارة الحديثة، ووضع نظرية أخلاقية إسلامية تفلح في التصدي للتحديات الأخلاقية لهذه الحضارة، بعدما فشلت في ذلك نظريات أخلاقية غير إسلامية أو غير دينية.
المؤلفات
ألف ما يقرب من عشرين كتابا أنجزت حولها دراسات ورسائل جامعية، وتنوعت موضوعات كتبه بين المنطق والفلسفة وتجديد العقل ونقد الحداثة، منها: “اللغة والفلسفة.. رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود” (بالفرنسية)، و”المنطق والنحو الصوري”.
كما ألف: “العمل الديني وتجديد العقل”، و”تجديد المنهج في تقويم التراث”، و”سؤال العمل بحث عن الأصول العملية في الفكر والعلم”، و”روح الدين من ضيق العَلمانية إلى سعة الائتمانية”.
الجوائز والأوسمة
حصل طه عبد الرحمن على جوائز عديدة، منها: جائزة المغرب للكتاب (مرتين)، وجائزة الإسيسكو في الفكر الإسلامي والفلسفة عام 2006، وجائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية عام 2014.
ألقى محاضرة في قصر قرطاج بدعوة من الديوان الرئاسي للجمهورية التونسية، وبحضور الرئيس التونسي منصف المرزوقي وعدد من رجال الفكر والسياسة والإعلام، في يوليو/تموز 2013، بعنوان “الأخلاق والدين بين الفصل الدهراني والوصل الائتماني”.
التعليقات مغلقة.