في كل مرة نسمع لفظ “حمام” في المغرب، يتبادر لأذهاننا ذلك المكان العمومي الذي يذهب له اي شخص مقابل مبلغ مادي زهيد للتخلص من الأوساخ. فمنذ متى اصبح اليوتيوب المغربي “حماما مجاني” ؟
لن نعمم فاليوتيوب المغربي كان ولايزال يحتضن صناع المحتوى القيم بمختلف الوانه : الفكاهة، البرمجة و المعلوميات، الرياضة، الطبخ…
فقد استطاعت اسماء مغربية كثيرة من ان تفرض وجودها في هذا العالم الافتراضي.
ولكن ليس كل ما يلمع ذهبا، فقد اصبح كل من هب ودب ينعت نفسه “باليوتيوبر”. لننتقل من نشر السخافة الى ما هو أقوى و أثقل ” حمام اليوتيوب”.
اصبح “اليوتيوب” في المغرب منصة لحل النزاعات التي تطورت من كونها مشادات بين “اليوتيوبرز” الى مشاكل عائلية تثير الشفقة تارة و الضحك و السخرية تارة اخرى. فقد اصبح غسيل العائلات القذر ينشر امام ملايين المشاهدين.
صراخ فسب و شتم، رسائل صوتية اصبحت تطرب المستمع. ككرة المضرب اصبحت فديوهات الرد تتسابق.
معركة صراع بين فلانة و ابنة خالتها و اخرى و عائلة زوجها و القائمة لا تزال تبدع و تتطور.
اليست المنازل اسرار؟ او ان هذه قد اصبحت الموضة الجديدة لزيادة نسبة المشاهدات و المتابعين.
لم يعد للمشاهد حق الاستفادة فقط بل اصبح يتحتم عليه ان يكون الحكم الفاصل في مثل هذه المواقف.
عبث يندى له الجبين جعل من “اليوتيوب” مهنة من لا مهنة له.
بعناوين مثيرة تخدش خبايا العائلات و استعمالات مغلوطة لآلات التصوير التي اصبحت تكشف المستور و تنتهك حرمة المنازل و تضع كل افراد العائلة محل موضوع جديد بهدف كسب المشاهدات. ليصبح “اليوتيوب” فيما بعد مكان التقاء الاخوة و الاقارب قبل ان تحولهم سياسة اليوتيوب وكسب الارباح الى عقارب.
لكن الغريب في الأمر هي نسبة المشاهدات المرتفعة لمثل هذه الفيديوهات و ما مدى التفاعل الذي وتلقاه. امر مستفز كيف لمثل هذه السخافات ان تصبح حديث الساعه و ان تهمش مواضيع شائكة كمقتل الطفل “رضى” البالغ من العمر ثمان سنوات بعد تعرضه للاغتصاب و التعذيب بمدينة مكناس، فقد اكتفى المشاهد بالتأثر و قولة ” الله ياخد الحق في مثل هذه الوحوش البشرية التي تستحق الإعدام” و انتهى الموضوع في ظل دقائق معدودة.
لكن ما يجري داخل اسوار “حمام اليوتيوب” من مشاكل تافه اصبحت تندد بوقفات احتجاجية تضامنية. حمى جهل اصبحت تلقي بشباكها وسط مهزلة لا معنى لها.
شيماء أيت يكرو
التعليقات مغلقة.